موقع العلامة الدكتور محمد زين العابدين رستم  موقع العلامة الدكتور محمد زين العابدين رستم
مؤلفات و بحوث

مؤلفات و بحوث

مؤلفات و بحوث
جاري التحميل ...

جواب الأستاذ الدكتور زين العابدين رستم، حول شبهات الشيخ محمود سعيد ممدوح حول "المجالس المدنية في شرح مسند الإمام أحمد "، للإمام محمد المنتصر بالله الكتاني

 






 
قال الدكتور حمزة الكتاني: كان الشيخ محمود سعيد ممدوح- شافاه الله- كتب كتابا، يرد فيه على مؤلف للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، نقد فيه كراسة كتبها جدي الإمام محمد المنتصر بالله الكتاني، جمع فيها نصوصا حديثية في الثقافة الإسلامية...وفي نقده ما هو تعسف، وما هو تكلف، وما هو مخطئ فيه، وما هو مصيب، كعادة الردود عامة..
وقدم الشيخ محمود سعيد كتابه بمقدمة فيها أمور غير صحيحة، ولا نسلمها له، كما انه عقد مبحثا لنقد شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل المطبوع حديثا، من تأليف مولانا الجد رحمه الله تعالى..
وحيث كان العلامة المحدث الدكتور محمد زين العابدين رستم حفظه الله، ممن مارسوا هذا الشرح، وسرده، ومازال يسرده في مجالس حافلة، فقد احلت عليه كلام الشيخ محمود سعيد ممدوح، فأجابني جوابا مطولا، استأذنته في نشره لنفاسته، فأذن لي في ذلك..فوضعت صورة كلام الشيخ محمود سعيد ممدوح إنصافا له، وإبراء للذمة، وليطلع عليه من لم يطلع من قبل فيعرف كلامه والجواب عليه...
فها انذا انشر كلامه في أعداد، إنصافا للحق، وتوضيحا للعلم، جزاه الله عنا خير الجزاء...
قال حفظه الله وبارك فيه:
بعد اطلاعي على كلام الشيخ محمود سعيد ممدوح تبين لي بحكم ممارستي لشرح جدكم للمسند أن هذا الكاتب متحامل قد اعتسف وجار وظلم وبيان ذلك يقتضي مني ردا مفصلا على ما أورده في تلك الصفحات المرسلة الي من قبلكم...بيد أنني لشغلي وفتنتي بالذي أنا فيه عجلت لكم الجواب المختصر عما أثاره ذاك الشيخ المصري..
فمن ذلك ما نبز به محمود ممدوح عمل الشيخ الجد من أنه عبارة عن :" مذكرات" وأنه كتبها للعامة وأنه لم يحتفل فيها احتفال العلماء في تسويد الكتب وتطريزها..فمردود بأن جدكم قد أعد للشرح عدته واستفرغ له جهده وهيأ له كامل أدواته...كيف وهو مراعى من قبل من يغشى المسجد النبوي من العلماء ويأتي مجالسه من خاصة الفضلاء...وفضلا عن ذلك فهو رحمه الله كان في الحضرة النبوية والمواجهة المصطفوية وليس بينه وبين القبر الشريف إلا خطوات يسيرة وأمتار قليلة..
وليس يضر الشيخ العلامة أن سمى كتابه بالمذكرات فالعبرة بما فيها لا باسمها..وكم من كتاب سمي شرحا وهو ليس له من اسمه أي صلة ولا رسم...
وقول محمود سعيد ممدوح إن الشيخ الكتاني رحمه الله قد اعتمد مصادر محدودة هي التي أفاد منها في شرحه للمسند دعوى عريضة وتهمة كبيرة ليست صغيرة...كيف والشيخ رحمه الله ونور ضريحه فيما مارسته من شرحه المذكور في الجزء الأول قد اعتمد على مصادر كثيرة ومراجع وفيرة وهي فيما يبدو لي متنوعة تنوع حاجة الشارح إليها..فمن ذلك:
-مصادر في التفسير .
- مصادر في الحديث وهي كانت أقرب إلى الشيخ من غيرها لشدة تعلقها بما هو فيه من شرح لحديث أو ملام على أثر.
ومن تأمل صنيع الشيخ رحمه الله في التعامل مع هذا الضرب من المصادر وجده كأنه قد جمعها في صعيد واحد وأخذ يختار منها ما يخدم ما هو فيه بكل يسر وسهولة...وحذق ومهارة ودقة ونباهة...وهو دليل على أن الشيخ عارف بالعمل الذي ندب نفسه إليه ورصد جهده فيه...كيف وهو عمل جليل في كتاب خطير وديوان وزنه بين كتب السنة ثقيل!!
والشيخ ههنا رحمه الله لا يكاد يغيب عنه من دواوين السنة كتاب ولا جزء ولا كراس...فهو مستحضر لذلك كله عارض الحديث الذي بين يديه على عشرات الكتب المدونة في السنة وألفاظها والحديث ومعانيه...ويعجبك منه أنه يختار من الصحيح كلمة ومن السنن لفظة ومن المسانيد قطعة ومن المجاميع جملة فيوازن ويقارن ويرجح وينتصر ويستدل ويحتج...وهو لعمر الله صنيع من أمضى في هذا الفن عمره وأبلى فيه شبابه وأنضى له رحله...
وقول المعترض: إن الشيخ الكتاني كان ينص على الكتاب الذي ينقل منه. مما لا ينقضي منه عجبي ...فماذا يريد المعترض: ان ينقل ولا يعزو أو يستفيد من غيره ولا ينص على ذلك!!
ولعمر الله لئن كان الشيخ صنع ذلك لكان مدخلا للطعن عليه والدفع في صدره..وهل كان سكت عنه المعترض!؟؟
واعترض المعترض على الشيخ الكتاني بأنه ناقل من تعليقات الشيخ شاكر على المسند ..قلت: وأين عمل الشيخ الشارح من عمل الشيخ شاكر؟ وهل عملهما عبارة عن كتابين في موضوع واحد حتى يصح أن يقال إن الكتاني ناقل ناسخ ؟
ولقد علم الله أن الشيخ شاكرا رحمه الله لم يشرح المسند ولم يدر في خلده ذلك...وغاية ما صنعه رحمه الله أنه خرج أحاديث المسند وتكلم عليها قبولا وردا ...فهل إذا جاء الكتاني رحمه الله فنقل مستفيدا أو اعترض متعقبا - وهو عين ما يصنعه فضلاء العلماء ونبلاء المؤلفين - يقال إنه يطوي أحيانا كلام شاكر المستفاد من غير عزو ولا تنبيه ولا بيان!؟
ثم أين وقع ذلك من نقول الشيخ الشارح فيظهره لنا المعترض ويلوح به فنتحاكم نحن وإياه آلى قواعد العلماء في النقل وضوابط النبهاء في العزو؟؟
وظاهر كلام المعترض وصريحه الذي ينطق بذلك قوله بأن الشيخ الكتاني لم يرجع أصول الأحاديث التي يشرحها اقتداء بالشيخ شاكر الذي زها المعترض بكونه رجع إلى تلك الأصول...
وفي الحق الذي لا مراء فيه ولا جدال للمنصف الواقف على صنيع الشيخ الكتاني = إن المنتصر بالله الكتاني قد سار على منوال شاكر بل أكثر ..كيف وهو الذي كان يقف عند كل لفظة من حديث معين إن لزم الأمر...فيذكر كيفيات ورودها عند فلان وفلان من أهل الحديث ..وفي كتاب كذا وكذا مما هو معروف من كتب السنة ودواوين الحديث...
ولقد مارست شرحه وعاينته وبلوته وسردته وقرأته وطالعته وكحلت به عيني وعجمت عوده...فقلت فيه ما قد قلت وصرحت فيه بما قد صرحت...وليس كصنيع المعترض الذي نجزم جزما لا استثناء به ونحلف حلفا لا نكوص فيه أنه ما خبر الكتاب خبرة الممارس له او الخبير المطلع عليه...وهو صرح في كلامه بعد أنه قد اطلع على الكتاب لما أوقفه أحد حفدة الشارح...
وليس يجوز عقلا أن يكون المعترض قد وقف على جل الكتاب أو كله من جلسة واحدة أو لقيا واحدة أو استضافة واحدة فإن ذلك ممتنع عقلا وحسا وطبعا وعادة...فكيف يقول فيه ما قد قال ويدعي فيه ما قد ادعى...
ولنفرض جدلا أنه قد اطلع الكتاب جملة وتفصيلا بعد ما وقع بأيدي الناس مطبوعا منشورا...فهل يكفي أن يتصور الحكم عليه من مجرد مطالعة صفحة منه أوصفحتين أو مجلد أو مجلدين...والحكم فرع عن تصوره...والاستنتاج ثمرة لمقدمته..
وأما الشيخ الكتاني رحمه الله فلقد أوتي من أسباب الاطلاع على أصول الأحاديث التي في المسند ما يؤهله لكي يكون اطلاعه واسعا ونظره مستوعبا يقف به في صفوف الأكابر من رجال الحديث ...إذ يجري رحمه الله بذلك في ركاب البخاري ومسلم من أهل المشرق وبقي وابن وضاح وابن القطان الفاسي من أساطين الأندلس والمغرب...
وانظر إليه رحمه الله كيف يثبت ما قد فات غيره من أهل الصناعة ويستدرك على من سبق إذ قلّت لهم فيه البضاعة..كصنيعه نور الله ضريحه بخصوص التنبيه على أن الحديث الفلاني متواتر من رواية فلان وفلان الصحابي يقول وهذه طرق تكفي لكي يكون متواترا...وهو مما يستدرك على السيوطي في أزهاره وعلى جدي رحمهما الله في متناثره...
فشخصٌ يقول بمثل هذا الادعاء وينطق بمثل هذا التحدي كيف يقال بعدُ إنه لا يباشر الشرح للأحاديث التي ندب لها نفسه في أصولها وينقلها عن غيره نقل المستريح المطمئن إلى سلامة النقل وصحة المستفاد؟!!!
ثم الشيخ رحمه الله يمنعه محتده العلمي وأرومته الحديثية من أن يكون ناقلا مستفيدا وسالخا مقلدا..كيف ودماء الحديث تحري في عروقه من آبائه وأجداده...وليس فيهم والله آلا محدث راوية وناقد حافظ صاعقة؟!!
ثم قول المعترض: إن الشيخ الكتاني كان يأخذ من الشيخ شاكر حكمه على الإسناد فيجعله حكما على المتن يعني على الحديث - مما أتعجب له ..
وأقول: كيف جاز لهذا المعترض أن يتهم الشيخ الكتاني بأنه لا يدري الفرق بين الحكم على الإسناد والحكم على الحديث؟؟؟.
وهل الكتاني إلا محدث جهبذ من صلب محدث من صلب محدث إلى أصلاب كثيرة قد رضعت لبان الحديث ورتعت فيها وأظهرت ذلك في مؤلفات هي سائرة بين أيدي الناس لأنها مرجعهم في الحديث كالرسالة المستطرفة ونظم المتناثر وغيرهما كثير...
ولنفرض فرضا أن ذلك مسلم مفروغ منه مقطوع بصحته ومعترف به..فهلا جاءنا المعترض بدليل عليه ومثال له وحجة فيه وبرهان عليه؟...فإن تهدى إلى ذلك ناقشناه وتعقبناه وإن كانت الأخرى دفعنا في صدره وأوقفناه وما سلمنا بالذي قاله...
والمعترض كأنه انتهزها فرصة وتصيدها ثلمة لما وصف الشارح الكتاني رحمه الله بالمذكرات..ليثبت أن شرحه ليس بذاك وأنه كما ذكر للوعظ والإرشاد ولمجالس التوجيه فليس فيه كبير فائدة ولم يكتب للعلماء ولا وجه للنبهاء ولم يكتب أصلا للطبع ...ولذلك لما أخبره حفيد الشارح بالرباط عند زورته لها من أعوام أنه عازم على نشر شرح جده...فتّ في عضده وأمسك من لجام عزمه قائلا: إنه ينبغي له أن يحرره ويهذبه وينقحه حتى يستوي كتابا يستحق النشر ومصنفا يستأهل الطبع!!.
وسبحان الله؛ فكأن هذا المعترض لا يعلم أن هؤلاء الكبار إذا صرفوا همهم للتأليف وأمسكوا القلم للتصنيف سال منهم كل شيء فلم يبقوا لذي قول قولا ولا لذي نظر رأيا، ولم يدعوا لمستزيد متعقبا ولا لذي اعتراض نقدا...وقتلوا البحث قتلا، وبالغوا في التفتيش ففتشوا حتى أحصوا كل ذرة وما تركوا في الموضوع بحثا ولا عنصرا؟...
وشاهد ذلك والحجة فيه من شرح الشارح رحمه الله: أنه آذا عرضت له مسألة فقهية بسط أوجه الرأي فيها، وجاء بأدلتها والردود عليها، حتى إذا استوفاها أجال عليها غير مرة وذكر بها القارئ المرة بعد.المرة...
فهل ذلك يقع في شرح لولا أن شارحه أراده شرحا مستكمل البناء تام الوفاء بأغراض البيان والتوضيح والتقريب؟.
وليس كما قد تخيله المعترض من أنه إنما كتب لغير مجالس العلم فوقع التسامح فيه والتجاوز في غضونه؟؟. كيف والشيخ الشارح مذيع شرحه في أجل مكان وأحفل مجلس وأكرم منزل؟، في الروضة الشريفة، والمدينة البهية، والجوار الكريم، والقبر الشريف...ويسمعه العالِم المنتهي وغيره، والخبير المطلع من بلاد كثيرة وأنحاء عديدة؟!!.
وبعد؛ فإن المغاربة في هذا العصر ليتشرفون بأنه قام واحد فيهم بشرح المسند وفق قواعد أهل العلم المتعارف عليها بلا جور في الحكم ولا شطط في التقييم..إذ ما صنعه الشيخ المنتصر بالله الكتاني رحمه الله في شرحه للمسند في تلك الدروس المدنية المنيفة، في تلك البقاع البهية، كان دينا على المغاربة، فقام الشيخ بأدائه والنهوض به...
بل لو قال قائل: إنه لم يكن في المتأخرين شرقا وغربا من صنع صنيعه تجاه المسند؛ لما أبعد النجعة، ولأصاب كبد الحقيقة...
بل لو قال قائل غير جاف ولا مفرط: إن ديْن شرح المسند كان حقا واجبا للإمام أحمد على الأمة كلها في شرقها وغربها، فلما تصدى الشيخ الكتاني رحمه الله لذلك؛ أدى عنها دينها، وقضى ما كان على عاتقها من واجبات وحقوق!...
فليهنأ الشيخ الشارح في قبره وقد أفضى إلى عمله- فلقد قدم بين يدي ربه ما يكون له شفيعا ومرقاة في أعلى عليين في جنات رب العالمين.
وصلى الله وسلم على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر الميامين؛ محمد بن عبد الله، سيد الناس طرا أجمعين، وسراج المنصفين القائمين بالقسط والنصفة، والحق واليقين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم المحشر والدين.
تم وبالخير عم.
-انتهى-














التعليقات