أحل المسلمون كتاب " الجامع الصحيح" للإمام محمد بن إسماعيل البخاري( ت256هـ) من أنفسهم محلا كريما، وأنزلوه بينهم منزلة رفيعة، فأقبل عليه طلاب العلم النبوي حفظا لمتونه، ووعيا لنصوصه، كما اعتنى به العلماء عن اختلاف طوائفهم ومداركهم، فرووه بأسانيد متصلة إلى جامعه، ورحلوا الأيام الطوال والليالي الطوال في تحصيل ذلك، وعقدوا مجالس الإملاء والتدريس في المساجد والمدارس ودور الحديث، للإملاء منه، والإجازة به.
وعني خلق كثير من العلماء بهذا "الجامع الصحيح" فأقبلوا عليه لاستخراج ما أودعه جامعه فيه من دقيق العلم، وعجيب المعاني، ولطيف الإشارات، وبدائع النكت، ومحاسن التصنيف والترتيب.
وشغل علماء الغرب الإسلامي بكتاب "الجامع الصحيح" فأقبلوا عليه شرحا لمتنه، وتعليقا على أسانيده، واختصارا لنصوصه، وبحثا لمشكلاته وألفاظا، وتعريفا برجاله ورواته، وإخراجا لدقائق فقه تراجم أبوابه".
ومن مظاهر عناية علماء الغرب الإسلامية "بالجامع الصحيح" أن وجد فيهم "شرح قديم: يعد ثاني شرح الكتاب البخاري، وهو كتاب "النصيحة في شرح البخاري" للحافظ الإمام أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي.
وسنقوم فيما يلي بدراسة تحليلية لهذا الشرح وفق الخطة التالية :
أولا : التعريف بصاحب الشرح:
لم يترجم للإمام أبي جعفر الداودي إلا فئة قليلة من علماء التراجم والوفيات، وأقدم من علمته ترجم له القاضي عياض (ت544هـ)، ثم تلاه برهان الدين ابن فرحون (ت799هـ)، فصاحب "شجرة النور الزكية"، فصاحب "معجم المؤلفين".
على أن بعض هؤلاء ينقل عن بعض، والمصدر واحد وهو القاضي عياض في "ترتيب المدارك".
وأما مترجمنا فهو : الإمام أبي جعفر أحمد بن نصر (2) الداودي الأسدي من أئمة المالكية بالمغرب، لم يذكر من ترجمه – ممن تقدم آنفا – سنة مولده، إلا أن القاضي عياض بن موسى قال :
إن أصله من "المسيلة"، وقيل من "بسكرة" كان بطرابلس، وبها أملى كتابه في "شرح الموطأ" ثم انتقل إلى تلمسان". (2)
ولم يعرف عن الداودي أنه حمل عن أحد من المشايخ، قال ابن فرحون :
"وكان درسه وحده، لم يتفقه في أكثر علمه على إمام مشهور، وإنما وصل بإدراكه".(3)
وعد القاضي عياض ذلك عيبا وغمزا فقال :
"بلغني أنه كان ينكر على معاصره من علماء القيروان سكناهم في مملكة بني عبيد، وبقاءهم بين أظهرهم، وأنه كتب إليهم مرة بذلك فأجابوه :"اسكت لا شيخ لك"... يشيرون أنه لو كان له من يفقهه حقيقة الفقه لعلم أن بقائهم، مع من هناك من عامة المسلمين، تثبيت لهم على الإسلام، وبقية صالحة للإيمان، وأنه لو خرج العلماء من إفريقية لما بقي فيها من العامة آلاف آلاف، فرجحوا خير الشرين". (4)
ومع ذلك فقد وصفه غير واحد بالتقدم والرياسة في العلم، فقال فيه ابن فرحون :
"... وكان فقيها فاضلا متقنا، مؤلفا مجيدا، له حظ من اللسان والحديث والنظر". (5)
وحلاه الشيخ محمد بن محمد مخلوف بقوله :"الإمام الفاضل العالم المتفنن الفقيه". (6)
وأشهر من حمل عنه : أبو عبد الملك البوني، وأبو بكر بن محمد بن أبي زيد، وأبو علي بن الوفاء. (7)
لبث الإمام أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي بطرابلس زمنا ألف فيه "شرحه للموطأ" ثم انتقل إلى تلمسان، وبها توفي سنة 402 هـ، وقبره عند باب العقبة.
قال القاضي عياض :"وقرأت في بعض التواريخ أن وفاته سنة إحدى عشر، والأول أصح". (8)
ألف الإمام الداودي كتبا متنوعة في الحديث والفقه والأصول والعقيدة، تشهد له بسعة الاطلاع، والشهرة في العلم، ومن بينها : (9)
1 – كتاب النامي في شرح الموطأ
2 – الواعي في الفقه
3 – النصيحة في شرح البخاري : وهو من الشروح الأولى لهذا "الجامع الصحيح" وسيرد الكلام عليه مفصلا.
4 – الإيضاح في الرد على القدرية
5 – كتاب الأصول
6 – كتاب البيان
7 – كتاب الأموال : وقد طبع بتقديم وتحقيق الأستاذ سالم شحادة، ونشر بعناية دار الثقافة – مركز إحياء التراث المغربي بالرباط.
ثانيا : تحقيق إسم شرح الداودي :
ذكرت أكثر المصادر التي ترجمت للإمام الداودي شرحه البخاري وسمته :"النصيحة في شرح البخاري"، ومن بين هذه المصادر القاضي عياض، (10) وابن فرحون، (11) والقنوجي، (12) والشيخ محمد بن محمد مخلوف، (13) ومحمد رضا كحالة، (14) وأشار إليه من غير تصريح بالإسم القسطلاني، (15) والمباركفوري، (16) وحاجي خليفة. (17)
ثالثا : مكان وجود شرح الإمام الداودي:لم ينص أحد – ممن اهتم في هذا العصر بتتبع مخطوطات وذكر أماكن وجودها – على مكان وجود شرح الإمام الداودي، (18) حتى قال يوسف الكتاني :
"أما عن شرح "النصيحة" فلا يعرف أثره إلى اليوم، وقد كان الظنون أنه من ذخائر خزانة القرويين، وقد بحثت عنه طويلا، وبمساعدة قيمها المرحوم العابد الفاسي، ومساعدون الذين أكدوا عدم العثور عليه، كما أنه لا يوجد مسجلا ضمن الكتب المفهرسة بها، ولا ذكر له في مختلف القوائم والفهارس المتعلقة بخزانة القرويين منذ "فهرس بل" سنة 1917 إلى اليوم، ولكنني أميل إلى وجوده إما بين الكتب التي لم تفهرس بعد،
والتي أخذت الروضة تأكل بعضها، وإما بين مئات الكتب التي استعيرت من خزانة القرويين، وبقيت ضائعة عن المستعيرين إلى الآن، ومازلت آمل العثور على هذا "الشرح" النفيس. (19)
قلت : كتب يوسف الكتاني هذا الكلام منذ سنوات خلت، والمأمول في القائمين على خزانة القرويين، وعلى رأسهم محافظها أن يبالغوا في التنقيب عن هذا السفر النفيس، والكتاب الجليل، ضمن الكتب التي لم تفهرس بعد. (20)
ولقد حملني شوقي لشرح الإمام الداودي إلى جمع مادته المتناثرة في الشروح المتأخرة عنه، "كشرح" الكرماني (ت 786هـ)، و"شرح" الحافظ العيني (ت 855هـ)، و"شرح" القسطلاني (ت 923هـ)، فتجمعت عندي مادة علمية كثيرة كتبت حولها هذه الدراسة.
رابعا : الكلام على منهج الداوي في الشرح :
لما كان شرح الإمام الداودي مفقودا، استخرت الله عز وجل في جمع ما تناثر منه في الشروح المتأخرة عنه، والتي تكثر نقول أصحابها منه، ولقد أشرنا آنفا إلى أصحاب هذه الشروح.
وبعد استخراج النصوص، وجمعها من هذه الشروح، تبين ما يلي :
أ – كثرة المادة العلمية، التي تتكون من نصوص منقولة عن الإمام الداودي، أو مستفادة من كلامه، أو مشتملة على رأي ذهب إليه، أو استنباط حكم من حديث أو غير ذلك.
ب – اشتملت كتب الأئمة الأربعة المشار إليها آنفا على أكثر من ستمائة نص ورد صحيح النسبة إلى الإمام الداودي. (21)
ج – تضمنت النصوص المستخرجة كلام الإمام الداودي على أغلب كتب "الجامع الصحيح"، وهناك كتب لا يوجد فيها للداودي ذكر، فما أدري أتكلم عليها في أصله أم لا؟ وقد تكون مما تكلم عليه، فأغفل ذلك كله هؤلاء الذين نقلوا عنه، والعلم عند الله تعالى.
د – تتضح معالم منهج الإمام الداودي من خلال هذه النصوص المستخرجة، ويمكن أن نلم بها على النحو التالي :
1 – مصادر الداودي في الشرح وموارده :
لم يسم الإمام الداودي في شرحه أحدا نقل عنه، أو استفاد منه، (22) ولعل مرد ذلك إلى ما ذكره القاضي عياض من "أنه لم يتفقه في أكثر علمه على إمام مشهور، وإنما وصل إلى ما وصل بإدراكه". (23)
والذي يمكن تقريره – هنا – أن الداودي استعان – أثناء الشرح – بكتب كثيرة في اللغة والحديث والتفسير والفقه وغير ذلك.
2 – طريقة الداودي في الشرح والكلام عليها من وجوه :
الوجه الأول : اهتمام الشارح بالجانب اللغوي، وهذا أمر بين ظاهر لمن عاين النقول الكثيرة عنه، ويبرز هذا الاهتمام في أمرين اثنين :
1 – شرح غريب الحديث النبوي :الأمثلة على ذلك كثيرة منها " عند كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم "... فيخرجون من النار قد امتحشوا" (24) قال :"امتحشوا : انقبضوا واسودوا". (25)
2 – ضبط المفردات :من ذلك عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم :"ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث..." (26) فقد حكى ابن قرقل (27) عن الداودي أنه ضبط الحنث بفتح المجحمة والموحدة، وفسره بأن المراد لم يبلغوا أن يعملوا المعاصي. (28)
الوجه الثاني : عناية الشارح بالصناعة الحديثية، وذلك من عدة جوانب :
1 – التنبيه على أوهام الرواة :والأمثلة على ذلك كثيرة منها : عند قول عاصم الأحول : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في مكان فيه ماء قد كشف عن ركبتيه – أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها". (29)
قال الداودي :" هذه الرواية وهم، وقد أدخل بعض الرواة حديثا في حديث، إنما أتى أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته منكشف فخذه، فجلس أبو بكر، ثم أتى عمر كذلك، ثم استأذن عثمان، فغطى النبي فخده، فقيل له ذلك، فقال : إن عثمان رجل حيي، فإن وجدني على تلك الحالة لم يبلغ حاجته"، وأيضا فإن عثمان أولى بالاستحياء كونه خنته فزوج البنت أكثر حياء من أبي الزوجة". (30)
2 – الكلام على صنيع البخاري في التراجم :وأكثر ما وقع له ذلك في مناقشة البخاري في إخراج الحديث في باب معين : مثاله قوله عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل، بأن يسلفه ألف دينار، فدفعها إليه، فخرج في البحر، فلم يجد مركبا، فأخذ خشبة، فنقرها..." الحديث (31). "حديث الخشبة ليس من هذا الباب في شيء". (32)
3 – بيان المهمل :من ذلك : عند حديث أم عطية الأنصارية قالت :" دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال:..." الحديث . (33)
قال ابن حجر : قوله ابنته: "حكى ابن التين عن الداودي الشارح أنه جزم بأن البنت المذكورة أم كلثوم زوج عثمان". (34)
4 – بيان سبب اختلاف الروايات:مثاله قوله عند حكاية الخلاف في ثمن الجمل الذي اشتراه الرسول صلى الله عليه وسلم من جابر (35)
"ليس لأوقية الذهب قدر معلوم، وأوقية الفضة أربعون درهما، قال : وسبب اختلاف هذه الروايات أنهم رووا بالمعنى وهو جائز، فالمراد أوقية الذهب، وأما من روى خمس أواق من الفضة، فهي تقدير قيمة أوقية الذهب في ذلك الوقت، فيكون الإخبار بأوقية الذهب عما وقع به العقد، وعن أواقي الفضة عما حصل به الإيتاء...". (36)
5 – التنبيه على أن الحديث أو طرفا منه ليس محفوظا :
مثاله تعليقه على حديث نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" إذا تبايع رجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا، وكانا جميعا..."، (37) فإنه قال :" قول الليث في هذا الحديث :" وكانا جميعا إلى آخره، ليس بمحفوظ لأن مقام الليث في نافع، ليس كمقام ملك ونظرائه". (38)
الوجه الثالث : العناية بالاستنباط وبيان فقه الحديث، وفيه :1 – استخراج الأحكام، وبيان فوائد الحديث، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، نسوق منها مثالا واحدا.
في كتاب الغسل : عند قول عائشة رضي الله عنها :"كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم في إنماء واحد ..."، (39) نقل الحافظ ابن حجر عن الداودي أنه استدل بهذا الحديث على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه. (40)
2 – مناقشة الآراء، وبيان الراجح مع ذكر الدليل :في كتاب الأذان" في "باب الكلام في الأذان" ذكر البخاري في الترجمة كلام سليمان ابن صرد في أذانه، ثم ساق حديث ابن عباس، وكلامه مع المؤذن وأمره له بأن ينادي :"الصلاة في الرحال". فعلق الداودي على ذلك بقوله:"لا حجة على جواز الكلام في الأذان، بل القول المذكور مشروع من جملة الأذان في ذلك المحل". (41)
3 – توجيه معاني الأحاديث:مثاله عند شرح حديث :"إذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة، ولا يولها ظهره، شرقوا أو غربوا". (42)
قال الداودي :" اختلف في قوله:"شرقوا أو غربوا"، فقيل إنما ذلك في المدينة، وما أشبهها كأهل الشام واليمن، وأما من كانت قبلته من جهة المشرق أو المغرب، فإنه يتيامن أو يتشائم". (43)
4 – حكاية مذهب الإمام مالك وتقريه والدفاع عنه :وهذا ليس بالأمر الغريب، فقد كان الداودي من كبار المالكية، الذين تصدوا لشرح "موطأ الإمام المالك".
ولبيان أثر فقه مالك في شرح الداودي نسوق المثال التالي :
في شرح حديث أبي بردة رضي الله عنه قال :" كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول :"لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله". (44)
ذكر الحافظ ابن حجر اختلاف العلماء في جواز الزيادة على العشر، ثم قال :" وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة : تجوز الزيادة على العشر..." واعتذر الداودي فقال :لم يبلغ مالكا هذا الحديث، فكان يرى العقوبة بقدر الذنب". (45)
خامسا : القيمة العلمية للنصيحة في شرح البخاري:
اشتهر الداودي بين أهل العلم بكونه محدثا فقيها أصوليا، ثم بكونه من أوائل شراح "صحيح البخاري"، بل هو أول شارح مغربي "للصحيح" على الإطلاق، وثاني شارح "للصحيح" بعد الإمام الخطابي (ت 388هـ). (46)
ولقد صار شرحه بعد وفاته عمدة للشارحين الذين أتوا بعده، وينقلون من درره، ودقيق علمه، وممن استفاد منه عبد الواحد ابن التين السفاقسي (47) والقاضي عياض (ت 544هـ)، وابن قرقول، والعلامة شمس الدين الركماني، والحافظ علاء الدين مغلطاي (ت 792هـ) في شرحه للبخاري المسمى:" التلويح" والحافظ ابن حجر في "فتح الباري"، والبدر العيني في "عمدة القارئ" والقسطلاني في "إرشاد الساري".
ونورد فيما يلي نماذج مما نقله بعض هؤلاء الأعلام :
أ – نقول ابن التين : وهي كثيرة متنوعة، نوه بها حاجي خليفة فقال :".. وكذا أبو جعفر أحمد ابن سعيد الداودي، وهو ممن ينقل عنه ابن التين". (48)
ونختار فيما يلي واحدا من تلك النقول من "كتاب الأشربة"، فقد قال ابن حجر:"ونقل ابن التين عن الداودي أن سبب النهي، أن النبيذ يكون حلوا، فإذا أضيف إليه الآخر، أسرعت إليه الشدة، وهذه صورة أخرى". (49)
ب – نقول القاضي عياض : ففي شرح الحديث : " الخيل ثلاثة، لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر... فأما الرجل الذي هي عليه وزر، فهو رجل ربطها فخرا، ورياء ونواء لأهل الإسلام.. الحديث". (50) قال ابن حجر :" وحكى عياض عن الداودي الشارح أنه وقع عنده : ونوى بفتح النون والقصر..". (51)
ج – نقول الحافظ علاء الدين مغلطاي : قال العيني تعليقا على قول البخاري عقب حديث :" وعن أيوب عن رجل عن أنس رضي الله عنه "نقل صاحب"التلويح" – يعني مغلطاي –عن الداودي أنه قال في آخره ليس بمسند، لأن بين أيوب وأنس رجل مجهول، ولو كان عن أبي قلابة محفوظا، لم يكن عنده لجلالة أبي قلابة وثقته، وإنما يكني عمن فيه نظر". (52)
سادسا : نقد الداودي الشارح :تعقب الأئمة الشراح الداودي في شرحه "لصحيح البخاري" من عدة جوانب هي :
أ – اللغة : من ذلك في شرح الألفاظ الغربية : ففي شرح لفظ : "قشبني" الوارد في حديث طويل، (53) قال الداودي :"معناه :غير جلدي، وصورتي".
فتعقبه الحافظ ابن حجر بقوله :"ولا يخفى حسن قول الخطابي"، (54) وأما الداودي فكثيرا ما يفسر الألفاظ الغربية بلوازمها، ولا يحافظ على أصول معانيها". (55)
ب – فقه الحديث، واستخراج الحكم:" في "كتاب الجمعة"، باب قول الله تعالى :" فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا فمن فضل الله". (56)
قال ابن حجر :"قوله باب قول الله عز وجل :"فإذا قضيت الصلاة..." الآية : جنح الداودي إلى أنه علم الوجوب في حق من يقدر على الكسب، وهو قول شاذ نقل عن بعض الظاهرية، وقيل هو في حق من لا شيء عنده ذلك اليوم، فأمر بالطلب بأي صورة اتفقت، ليفرح عياله ذلك اليوم، لأنه يوم عيد". (57)
ج – الحديث : وفيه ما يلي :
1 – في بيان المهمل أو صاحب القصة : ففي قصة شرب العسل، (58) جزم الداودي بأن حفصة هي التي شربته، فتعقبه الحافظ بن حجر بأن ذلك :"غلط، وإنما هي صفية بنت حيي، أو زينب بنت جحش". (59)
2 – في رد الروايات الثابتة: ففي شرح حديث سعد أنه قال :" اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك، من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم". (60)
قال ابن حجر :" وزعم الداودي أن المراد بالقوم بني قريظة، ثم قال في الرواية المعلقة : هذا ليس بمحفوظ، وهو إقدام منه على رد الروايات الثابتة بالظن الخائب، وذلك أن في رواية ابن نمير أيضا ما يدل على أن المراد بالقوم قريش، وإنما تفرد أبان بذكر قريش في الموضع الأول، وإلا فسيأتي في "المغازي" في بقية هذا الحديث من كلام سعد، وقال :"اللهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني له" الحديث.
وأيضا ففي الموضع الذي اقتصر الداودي على النظر فيه ما يدل على أن المراد قريش، لأن فيه :"من قوم كذبوا رسولك، وأخرجوه" فإن هذه القصة مختصة بقريش، لأنهم الذين أخرجوه، وأما قريظة فلا". (61)
3 – في الكلام على الأسانيد : فعند شرح حديث علي رضي الله عنه :"يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان... الحديث". (62)
تكلم الداودي على إسناده "فزعم أنه وقع هنا : "عن سويد بن غفلة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم" قال : واختلف في صحبة سويد، والصحيح ما هنا أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم".
قال الحافظ ابن حجر متعقبا ذلك كله :" كذا قال معتمدا على الغلط الذي نشأ له عن السقط، والذي في جميع نسخ "صحيح البخاري" :"عن سويد بن غفلة عن علي رضي الله عنه قال : سمعت"، وكذا في جميع المسانيد، وهو حديث مشهور لسويد بن غفلة عن علي، ولم يسمع سويد من النبي صلى الله عليه وسلم على الصحيح، وقد قيل :" إنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح، والذي يصح أنه قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصح سماعه من الخلفاء الراشدين، وكبار الصحابة، وصح أنه أدى صدقة ماله في حياة النبي صلى الله عله وسلم". (63)
سابعا – مخالفة مذهب الإمام مالك:
من ذلك أن الداودي زعم عند حديث سلمان الفارسي، من أنه تداوله بضعة عشر من رب إلى رب..."، (64) أن ولاء سلمان كان لأهل البيت، لأنه أسلم على يد النبي صلى الله عله وسلم، فكان ولائه له"، فتعقبه ابن التين بأنه ليس مذهب مالك قال " والذي كاتب لسلمان كان مستحقا لولائه إن كان مسلما، وإن كان كافرا، فولاؤه للمسلمين".(65)
ولقد أكثر كل من جاء بعد الداودي من انتقاده كابن التين، والزين ابن المنير، والإمام النووي (ت 676هـ)، وغالب هذه الانتقادات حكاه الحافظ ابن حجر في "الفتح". (66)
وبالجملة، فإن شرح الداودي "لصحيح البخاري" لحقيق أن يعنى به أهل العلم، بحثا عن أصله، وتنقيبا عن نسخه، وإخراجا لمتنه، وتنويها بصاحبه.
وجاءت هذه الدراسة لتلفت أنظار الباحثين إلى هذا العلق النفيس، والكنز الثمين، الذي اغترف منه الأعلام الكبار شرقا وغربا، وصاحبها لم يدع أنها وافية بالمقاصد التي أمل الوصول إليها.
كيف؟ وهذا الأمر لا يؤمن فيه العتار، ولا يجتنب فيه الشطط والخطأ والنسيان، لأن الأصل مفقود، والشرح غير موجود، حتى إذا ظهر ذات يوم، فتح باب الإصلاح والتقويم والاستدراك.
وعني خلق كثير من العلماء بهذا "الجامع الصحيح" فأقبلوا عليه لاستخراج ما أودعه جامعه فيه من دقيق العلم، وعجيب المعاني، ولطيف الإشارات، وبدائع النكت، ومحاسن التصنيف والترتيب.
وشغل علماء الغرب الإسلامي بكتاب "الجامع الصحيح" فأقبلوا عليه شرحا لمتنه، وتعليقا على أسانيده، واختصارا لنصوصه، وبحثا لمشكلاته وألفاظا، وتعريفا برجاله ورواته، وإخراجا لدقائق فقه تراجم أبوابه".
ومن مظاهر عناية علماء الغرب الإسلامية "بالجامع الصحيح" أن وجد فيهم "شرح قديم: يعد ثاني شرح الكتاب البخاري، وهو كتاب "النصيحة في شرح البخاري" للحافظ الإمام أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي.
وسنقوم فيما يلي بدراسة تحليلية لهذا الشرح وفق الخطة التالية :
أولا : التعريف بصاحب الشرح:
لم يترجم للإمام أبي جعفر الداودي إلا فئة قليلة من علماء التراجم والوفيات، وأقدم من علمته ترجم له القاضي عياض (ت544هـ)، ثم تلاه برهان الدين ابن فرحون (ت799هـ)، فصاحب "شجرة النور الزكية"، فصاحب "معجم المؤلفين".
على أن بعض هؤلاء ينقل عن بعض، والمصدر واحد وهو القاضي عياض في "ترتيب المدارك".
وأما مترجمنا فهو : الإمام أبي جعفر أحمد بن نصر (2) الداودي الأسدي من أئمة المالكية بالمغرب، لم يذكر من ترجمه – ممن تقدم آنفا – سنة مولده، إلا أن القاضي عياض بن موسى قال :
إن أصله من "المسيلة"، وقيل من "بسكرة" كان بطرابلس، وبها أملى كتابه في "شرح الموطأ" ثم انتقل إلى تلمسان". (2)
ولم يعرف عن الداودي أنه حمل عن أحد من المشايخ، قال ابن فرحون :
"وكان درسه وحده، لم يتفقه في أكثر علمه على إمام مشهور، وإنما وصل بإدراكه".(3)
وعد القاضي عياض ذلك عيبا وغمزا فقال :
"بلغني أنه كان ينكر على معاصره من علماء القيروان سكناهم في مملكة بني عبيد، وبقاءهم بين أظهرهم، وأنه كتب إليهم مرة بذلك فأجابوه :"اسكت لا شيخ لك"... يشيرون أنه لو كان له من يفقهه حقيقة الفقه لعلم أن بقائهم، مع من هناك من عامة المسلمين، تثبيت لهم على الإسلام، وبقية صالحة للإيمان، وأنه لو خرج العلماء من إفريقية لما بقي فيها من العامة آلاف آلاف، فرجحوا خير الشرين". (4)
ومع ذلك فقد وصفه غير واحد بالتقدم والرياسة في العلم، فقال فيه ابن فرحون :
"... وكان فقيها فاضلا متقنا، مؤلفا مجيدا، له حظ من اللسان والحديث والنظر". (5)
وحلاه الشيخ محمد بن محمد مخلوف بقوله :"الإمام الفاضل العالم المتفنن الفقيه". (6)
وأشهر من حمل عنه : أبو عبد الملك البوني، وأبو بكر بن محمد بن أبي زيد، وأبو علي بن الوفاء. (7)
لبث الإمام أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي بطرابلس زمنا ألف فيه "شرحه للموطأ" ثم انتقل إلى تلمسان، وبها توفي سنة 402 هـ، وقبره عند باب العقبة.
قال القاضي عياض :"وقرأت في بعض التواريخ أن وفاته سنة إحدى عشر، والأول أصح". (8)
ألف الإمام الداودي كتبا متنوعة في الحديث والفقه والأصول والعقيدة، تشهد له بسعة الاطلاع، والشهرة في العلم، ومن بينها : (9)
1 – كتاب النامي في شرح الموطأ
2 – الواعي في الفقه
3 – النصيحة في شرح البخاري : وهو من الشروح الأولى لهذا "الجامع الصحيح" وسيرد الكلام عليه مفصلا.
4 – الإيضاح في الرد على القدرية
5 – كتاب الأصول
6 – كتاب البيان
7 – كتاب الأموال : وقد طبع بتقديم وتحقيق الأستاذ سالم شحادة، ونشر بعناية دار الثقافة – مركز إحياء التراث المغربي بالرباط.
ثانيا : تحقيق إسم شرح الداودي :
ذكرت أكثر المصادر التي ترجمت للإمام الداودي شرحه البخاري وسمته :"النصيحة في شرح البخاري"، ومن بين هذه المصادر القاضي عياض، (10) وابن فرحون، (11) والقنوجي، (12) والشيخ محمد بن محمد مخلوف، (13) ومحمد رضا كحالة، (14) وأشار إليه من غير تصريح بالإسم القسطلاني، (15) والمباركفوري، (16) وحاجي خليفة. (17)
ثالثا : مكان وجود شرح الإمام الداودي:لم ينص أحد – ممن اهتم في هذا العصر بتتبع مخطوطات وذكر أماكن وجودها – على مكان وجود شرح الإمام الداودي، (18) حتى قال يوسف الكتاني :
"أما عن شرح "النصيحة" فلا يعرف أثره إلى اليوم، وقد كان الظنون أنه من ذخائر خزانة القرويين، وقد بحثت عنه طويلا، وبمساعدة قيمها المرحوم العابد الفاسي، ومساعدون الذين أكدوا عدم العثور عليه، كما أنه لا يوجد مسجلا ضمن الكتب المفهرسة بها، ولا ذكر له في مختلف القوائم والفهارس المتعلقة بخزانة القرويين منذ "فهرس بل" سنة 1917 إلى اليوم، ولكنني أميل إلى وجوده إما بين الكتب التي لم تفهرس بعد،
والتي أخذت الروضة تأكل بعضها، وإما بين مئات الكتب التي استعيرت من خزانة القرويين، وبقيت ضائعة عن المستعيرين إلى الآن، ومازلت آمل العثور على هذا "الشرح" النفيس. (19)
قلت : كتب يوسف الكتاني هذا الكلام منذ سنوات خلت، والمأمول في القائمين على خزانة القرويين، وعلى رأسهم محافظها أن يبالغوا في التنقيب عن هذا السفر النفيس، والكتاب الجليل، ضمن الكتب التي لم تفهرس بعد. (20)
ولقد حملني شوقي لشرح الإمام الداودي إلى جمع مادته المتناثرة في الشروح المتأخرة عنه، "كشرح" الكرماني (ت 786هـ)، و"شرح" الحافظ العيني (ت 855هـ)، و"شرح" القسطلاني (ت 923هـ)، فتجمعت عندي مادة علمية كثيرة كتبت حولها هذه الدراسة.
رابعا : الكلام على منهج الداوي في الشرح :
لما كان شرح الإمام الداودي مفقودا، استخرت الله عز وجل في جمع ما تناثر منه في الشروح المتأخرة عنه، والتي تكثر نقول أصحابها منه، ولقد أشرنا آنفا إلى أصحاب هذه الشروح.
وبعد استخراج النصوص، وجمعها من هذه الشروح، تبين ما يلي :
أ – كثرة المادة العلمية، التي تتكون من نصوص منقولة عن الإمام الداودي، أو مستفادة من كلامه، أو مشتملة على رأي ذهب إليه، أو استنباط حكم من حديث أو غير ذلك.
ب – اشتملت كتب الأئمة الأربعة المشار إليها آنفا على أكثر من ستمائة نص ورد صحيح النسبة إلى الإمام الداودي. (21)
ج – تضمنت النصوص المستخرجة كلام الإمام الداودي على أغلب كتب "الجامع الصحيح"، وهناك كتب لا يوجد فيها للداودي ذكر، فما أدري أتكلم عليها في أصله أم لا؟ وقد تكون مما تكلم عليه، فأغفل ذلك كله هؤلاء الذين نقلوا عنه، والعلم عند الله تعالى.
د – تتضح معالم منهج الإمام الداودي من خلال هذه النصوص المستخرجة، ويمكن أن نلم بها على النحو التالي :
1 – مصادر الداودي في الشرح وموارده :
لم يسم الإمام الداودي في شرحه أحدا نقل عنه، أو استفاد منه، (22) ولعل مرد ذلك إلى ما ذكره القاضي عياض من "أنه لم يتفقه في أكثر علمه على إمام مشهور، وإنما وصل إلى ما وصل بإدراكه". (23)
والذي يمكن تقريره – هنا – أن الداودي استعان – أثناء الشرح – بكتب كثيرة في اللغة والحديث والتفسير والفقه وغير ذلك.
2 – طريقة الداودي في الشرح والكلام عليها من وجوه :
الوجه الأول : اهتمام الشارح بالجانب اللغوي، وهذا أمر بين ظاهر لمن عاين النقول الكثيرة عنه، ويبرز هذا الاهتمام في أمرين اثنين :
1 – شرح غريب الحديث النبوي :الأمثلة على ذلك كثيرة منها " عند كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم "... فيخرجون من النار قد امتحشوا" (24) قال :"امتحشوا : انقبضوا واسودوا". (25)
2 – ضبط المفردات :من ذلك عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم :"ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث..." (26) فقد حكى ابن قرقل (27) عن الداودي أنه ضبط الحنث بفتح المجحمة والموحدة، وفسره بأن المراد لم يبلغوا أن يعملوا المعاصي. (28)
الوجه الثاني : عناية الشارح بالصناعة الحديثية، وذلك من عدة جوانب :
1 – التنبيه على أوهام الرواة :والأمثلة على ذلك كثيرة منها : عند قول عاصم الأحول : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في مكان فيه ماء قد كشف عن ركبتيه – أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها". (29)
قال الداودي :" هذه الرواية وهم، وقد أدخل بعض الرواة حديثا في حديث، إنما أتى أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته منكشف فخذه، فجلس أبو بكر، ثم أتى عمر كذلك، ثم استأذن عثمان، فغطى النبي فخده، فقيل له ذلك، فقال : إن عثمان رجل حيي، فإن وجدني على تلك الحالة لم يبلغ حاجته"، وأيضا فإن عثمان أولى بالاستحياء كونه خنته فزوج البنت أكثر حياء من أبي الزوجة". (30)
2 – الكلام على صنيع البخاري في التراجم :وأكثر ما وقع له ذلك في مناقشة البخاري في إخراج الحديث في باب معين : مثاله قوله عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل، بأن يسلفه ألف دينار، فدفعها إليه، فخرج في البحر، فلم يجد مركبا، فأخذ خشبة، فنقرها..." الحديث (31). "حديث الخشبة ليس من هذا الباب في شيء". (32)
3 – بيان المهمل :من ذلك : عند حديث أم عطية الأنصارية قالت :" دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال:..." الحديث . (33)
قال ابن حجر : قوله ابنته: "حكى ابن التين عن الداودي الشارح أنه جزم بأن البنت المذكورة أم كلثوم زوج عثمان". (34)
4 – بيان سبب اختلاف الروايات:مثاله قوله عند حكاية الخلاف في ثمن الجمل الذي اشتراه الرسول صلى الله عليه وسلم من جابر (35)
"ليس لأوقية الذهب قدر معلوم، وأوقية الفضة أربعون درهما، قال : وسبب اختلاف هذه الروايات أنهم رووا بالمعنى وهو جائز، فالمراد أوقية الذهب، وأما من روى خمس أواق من الفضة، فهي تقدير قيمة أوقية الذهب في ذلك الوقت، فيكون الإخبار بأوقية الذهب عما وقع به العقد، وعن أواقي الفضة عما حصل به الإيتاء...". (36)
5 – التنبيه على أن الحديث أو طرفا منه ليس محفوظا :
مثاله تعليقه على حديث نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" إذا تبايع رجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا، وكانا جميعا..."، (37) فإنه قال :" قول الليث في هذا الحديث :" وكانا جميعا إلى آخره، ليس بمحفوظ لأن مقام الليث في نافع، ليس كمقام ملك ونظرائه". (38)
الوجه الثالث : العناية بالاستنباط وبيان فقه الحديث، وفيه :1 – استخراج الأحكام، وبيان فوائد الحديث، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، نسوق منها مثالا واحدا.
في كتاب الغسل : عند قول عائشة رضي الله عنها :"كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم في إنماء واحد ..."، (39) نقل الحافظ ابن حجر عن الداودي أنه استدل بهذا الحديث على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه. (40)
2 – مناقشة الآراء، وبيان الراجح مع ذكر الدليل :في كتاب الأذان" في "باب الكلام في الأذان" ذكر البخاري في الترجمة كلام سليمان ابن صرد في أذانه، ثم ساق حديث ابن عباس، وكلامه مع المؤذن وأمره له بأن ينادي :"الصلاة في الرحال". فعلق الداودي على ذلك بقوله:"لا حجة على جواز الكلام في الأذان، بل القول المذكور مشروع من جملة الأذان في ذلك المحل". (41)
3 – توجيه معاني الأحاديث:مثاله عند شرح حديث :"إذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة، ولا يولها ظهره، شرقوا أو غربوا". (42)
قال الداودي :" اختلف في قوله:"شرقوا أو غربوا"، فقيل إنما ذلك في المدينة، وما أشبهها كأهل الشام واليمن، وأما من كانت قبلته من جهة المشرق أو المغرب، فإنه يتيامن أو يتشائم". (43)
4 – حكاية مذهب الإمام مالك وتقريه والدفاع عنه :وهذا ليس بالأمر الغريب، فقد كان الداودي من كبار المالكية، الذين تصدوا لشرح "موطأ الإمام المالك".
ولبيان أثر فقه مالك في شرح الداودي نسوق المثال التالي :
في شرح حديث أبي بردة رضي الله عنه قال :" كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول :"لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله". (44)
ذكر الحافظ ابن حجر اختلاف العلماء في جواز الزيادة على العشر، ثم قال :" وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة : تجوز الزيادة على العشر..." واعتذر الداودي فقال :لم يبلغ مالكا هذا الحديث، فكان يرى العقوبة بقدر الذنب". (45)
خامسا : القيمة العلمية للنصيحة في شرح البخاري:
اشتهر الداودي بين أهل العلم بكونه محدثا فقيها أصوليا، ثم بكونه من أوائل شراح "صحيح البخاري"، بل هو أول شارح مغربي "للصحيح" على الإطلاق، وثاني شارح "للصحيح" بعد الإمام الخطابي (ت 388هـ). (46)
ولقد صار شرحه بعد وفاته عمدة للشارحين الذين أتوا بعده، وينقلون من درره، ودقيق علمه، وممن استفاد منه عبد الواحد ابن التين السفاقسي (47) والقاضي عياض (ت 544هـ)، وابن قرقول، والعلامة شمس الدين الركماني، والحافظ علاء الدين مغلطاي (ت 792هـ) في شرحه للبخاري المسمى:" التلويح" والحافظ ابن حجر في "فتح الباري"، والبدر العيني في "عمدة القارئ" والقسطلاني في "إرشاد الساري".
ونورد فيما يلي نماذج مما نقله بعض هؤلاء الأعلام :
أ – نقول ابن التين : وهي كثيرة متنوعة، نوه بها حاجي خليفة فقال :".. وكذا أبو جعفر أحمد ابن سعيد الداودي، وهو ممن ينقل عنه ابن التين". (48)
ونختار فيما يلي واحدا من تلك النقول من "كتاب الأشربة"، فقد قال ابن حجر:"ونقل ابن التين عن الداودي أن سبب النهي، أن النبيذ يكون حلوا، فإذا أضيف إليه الآخر، أسرعت إليه الشدة، وهذه صورة أخرى". (49)
ب – نقول القاضي عياض : ففي شرح الحديث : " الخيل ثلاثة، لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر... فأما الرجل الذي هي عليه وزر، فهو رجل ربطها فخرا، ورياء ونواء لأهل الإسلام.. الحديث". (50) قال ابن حجر :" وحكى عياض عن الداودي الشارح أنه وقع عنده : ونوى بفتح النون والقصر..". (51)
ج – نقول الحافظ علاء الدين مغلطاي : قال العيني تعليقا على قول البخاري عقب حديث :" وعن أيوب عن رجل عن أنس رضي الله عنه "نقل صاحب"التلويح" – يعني مغلطاي –عن الداودي أنه قال في آخره ليس بمسند، لأن بين أيوب وأنس رجل مجهول، ولو كان عن أبي قلابة محفوظا، لم يكن عنده لجلالة أبي قلابة وثقته، وإنما يكني عمن فيه نظر". (52)
سادسا : نقد الداودي الشارح :تعقب الأئمة الشراح الداودي في شرحه "لصحيح البخاري" من عدة جوانب هي :
أ – اللغة : من ذلك في شرح الألفاظ الغربية : ففي شرح لفظ : "قشبني" الوارد في حديث طويل، (53) قال الداودي :"معناه :غير جلدي، وصورتي".
فتعقبه الحافظ ابن حجر بقوله :"ولا يخفى حسن قول الخطابي"، (54) وأما الداودي فكثيرا ما يفسر الألفاظ الغربية بلوازمها، ولا يحافظ على أصول معانيها". (55)
ب – فقه الحديث، واستخراج الحكم:" في "كتاب الجمعة"، باب قول الله تعالى :" فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا فمن فضل الله". (56)
قال ابن حجر :"قوله باب قول الله عز وجل :"فإذا قضيت الصلاة..." الآية : جنح الداودي إلى أنه علم الوجوب في حق من يقدر على الكسب، وهو قول شاذ نقل عن بعض الظاهرية، وقيل هو في حق من لا شيء عنده ذلك اليوم، فأمر بالطلب بأي صورة اتفقت، ليفرح عياله ذلك اليوم، لأنه يوم عيد". (57)
ج – الحديث : وفيه ما يلي :
1 – في بيان المهمل أو صاحب القصة : ففي قصة شرب العسل، (58) جزم الداودي بأن حفصة هي التي شربته، فتعقبه الحافظ بن حجر بأن ذلك :"غلط، وإنما هي صفية بنت حيي، أو زينب بنت جحش". (59)
2 – في رد الروايات الثابتة: ففي شرح حديث سعد أنه قال :" اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك، من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم". (60)
قال ابن حجر :" وزعم الداودي أن المراد بالقوم بني قريظة، ثم قال في الرواية المعلقة : هذا ليس بمحفوظ، وهو إقدام منه على رد الروايات الثابتة بالظن الخائب، وذلك أن في رواية ابن نمير أيضا ما يدل على أن المراد بالقوم قريش، وإنما تفرد أبان بذكر قريش في الموضع الأول، وإلا فسيأتي في "المغازي" في بقية هذا الحديث من كلام سعد، وقال :"اللهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني له" الحديث.
وأيضا ففي الموضع الذي اقتصر الداودي على النظر فيه ما يدل على أن المراد قريش، لأن فيه :"من قوم كذبوا رسولك، وأخرجوه" فإن هذه القصة مختصة بقريش، لأنهم الذين أخرجوه، وأما قريظة فلا". (61)
3 – في الكلام على الأسانيد : فعند شرح حديث علي رضي الله عنه :"يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان... الحديث". (62)
تكلم الداودي على إسناده "فزعم أنه وقع هنا : "عن سويد بن غفلة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم" قال : واختلف في صحبة سويد، والصحيح ما هنا أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم".
قال الحافظ ابن حجر متعقبا ذلك كله :" كذا قال معتمدا على الغلط الذي نشأ له عن السقط، والذي في جميع نسخ "صحيح البخاري" :"عن سويد بن غفلة عن علي رضي الله عنه قال : سمعت"، وكذا في جميع المسانيد، وهو حديث مشهور لسويد بن غفلة عن علي، ولم يسمع سويد من النبي صلى الله عليه وسلم على الصحيح، وقد قيل :" إنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح، والذي يصح أنه قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصح سماعه من الخلفاء الراشدين، وكبار الصحابة، وصح أنه أدى صدقة ماله في حياة النبي صلى الله عله وسلم". (63)
سابعا – مخالفة مذهب الإمام مالك:
من ذلك أن الداودي زعم عند حديث سلمان الفارسي، من أنه تداوله بضعة عشر من رب إلى رب..."، (64) أن ولاء سلمان كان لأهل البيت، لأنه أسلم على يد النبي صلى الله عله وسلم، فكان ولائه له"، فتعقبه ابن التين بأنه ليس مذهب مالك قال " والذي كاتب لسلمان كان مستحقا لولائه إن كان مسلما، وإن كان كافرا، فولاؤه للمسلمين".(65)
ولقد أكثر كل من جاء بعد الداودي من انتقاده كابن التين، والزين ابن المنير، والإمام النووي (ت 676هـ)، وغالب هذه الانتقادات حكاه الحافظ ابن حجر في "الفتح". (66)
وبالجملة، فإن شرح الداودي "لصحيح البخاري" لحقيق أن يعنى به أهل العلم، بحثا عن أصله، وتنقيبا عن نسخه، وإخراجا لمتنه، وتنويها بصاحبه.
وجاءت هذه الدراسة لتلفت أنظار الباحثين إلى هذا العلق النفيس، والكنز الثمين، الذي اغترف منه الأعلام الكبار شرقا وغربا، وصاحبها لم يدع أنها وافية بالمقاصد التي أمل الوصول إليها.
كيف؟ وهذا الأمر لا يؤمن فيه العتار، ولا يجتنب فيه الشطط والخطأ والنسيان، لأن الأصل مفقود، والشرح غير موجود، حتى إذا ظهر ذات يوم، فتح باب الإصلاح والتقويم والاستدراك.
محمد زين العابدين رستممجلة دعوة الحق
العدد 313 ربيع 1-ربيع2 1416/ غشت-شتنبر 1995
لقراءة المقال من مصدره : إضغط هنا
.................................................................................
1 – وسماه القسطلاني في "إرشاد الساري" (ج1/ص:42) طبعة الفكر، عند ذكره لشراح "الجامع الصحيح" " أحمد بن سعيد، وتابعه المباركفوري في "مقدمة تحفة الأحوذي" (ج1 /ص:255) دار الفكر، وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (ج1 /ص :545) دار الفكر، 1402 هـ.
2 – انظر : "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" (ج7 /ص:102) نشر وزارة الأوقاف المغربية
3 – انظر :"الديباج المذهب في أعيان علماء المذهب" (ج1 /ص:166) تحقيق : محمد الأحمدي أبو النور – دار التراث القاهرة
4 – انظر : "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" (ج1 /ص :102).
5 – انظر :"الديباج المذهب" (ج1 /ص:166)
6 – انظر : "شجرة النور الزكية" (ج1 /ص:111) دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
7 – "ترتيب المدارك" (ج7/ص :103)، والديباج المذهب" (ج1 / ص: 166)
8 – انظر :"ترتيب المدارك" (ج7/ص:103)، و"الديباج المذهب" (ج1 / ص:106)، وفي :شجرة النور الزكية" أن الداودي توفي سنة 440 هـ، وهو مخالف للمسطور في المصادر المعتمدة.
9 – ذكر هذه المؤلفات : القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (ج7 /ص:102) وابن فرحون في "الديباج المذهب" (ج1 / ص:166)، وصاحب "شجرة النور" (ج1/ ص:111)، وانظر أيضا تقديم سالم شحادة كتاب "الأموال"، و"معجم المؤلفين" (ج2 /194 -195).
10 – انظر :"ترتيب المدارك" (ج7 / ص :103).
11 – في "الديباج المذهب" (ج1 / ص : 166).
12 – في الحطة في ذكر "الصحاح الستة" (ص:322) طبعة دار الجبل – بيروت ودار عمار – عمان دراسة وتحقيق : علي حسن الحلبي.
13 – في "شجرة النور الزكية" (ج1 /ص :111) وفيه "النصيحة في شروح البخاري" وهو تحريف ظاهر.
14 – في "معجم المؤلفين" (ج2 / صك195و195) طبعة دمشق.
15 – في "إرشاد الساري" (ج1 / ص:43)
16 – في "مقدمة تحفة الأحوذي" (ج1 / ص :255).
17 – انظر : "كشف الظنون" (ج1 / ص :545).
18 – كبروكلمان في "تاريخه"، وفؤاد سزكين في "تاريخ الإرث العربي".
19 – انظر "مدرسة الإمام البخاري في المغرب"(ج2 /ص:569و570) دار لسان العرب – بيروت، بلا تاريخ.
20 – ولا مانع من أن يكون شرح الإمام الداودي، في إحدى مكتبات العالم، التي جمعت لها النوادر والأعلاق النفيسة من كل حدب وصوب، والمأمول من مراكز خدمة التراث، وتحقيق المخطوطات، أن تطرق هذه الأبواب، فعسى أن يظهر الشرح المفقود.
21 – لا أدعي الإحاطة بكل نص صحيح النسبة إلى الداودي، فقد يكون ند عني نص أو أكثر، فالأمر خطير، والكشف عن النصوص جد عسير، فقد يزيغ البصر، وتضعف القوى، ويكل الخاطر... ومع ذلك فقد تدبرت وترفقت وترويت، والكمال لله وحده.
22 – ولا يرد أن الداودي نقل عن صاحب "المحكم" في تفسير لفظ "الإهالة" الوارد في حديث أنس رضي الله عنه أنه مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة..."، وذلك فيما نقله عنه العيني في "العمدة" (ج11/ ص :184) طبعة دار الفكر، حيث قال :"وقال الداودي:"وهي "الإلية" وفي "المحكم" : الإهالة ما أذيب من الشحم"، فإننا نقول :إن نص كلام الداودي ينتهي عند قوله هي الإلية، وما أتى بعده فهو من كلام العيني، وآية ذلك : أن صاحب "المحكم" وهو أبو الحسن علي بن إسماعيل ابن سيدة توفي سنة 458هـ فكيف ينقل عنه الداودي المتوفى سنة 402هـ".
23 – انظر "ترتيب المدارك" (ج7 / ص :102).
24 – هذه قطعة من حديث طويل أخرجه البخاري في الأذان، باب :"فضل من مات له ولد فاحتسب..." حديث رقم 806.
25 – انظر "عمدة القارئ" (ج6 / ص:86).
26 – أخرجه البخاري في "الجنائز"، باب : "فضل من مات له ولد فاحتسب..." حديث رقم 1248.
27 – هو أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف الحمزي يعرف بابن قرقول – بضم القافين، وسكون الراء بينهما وبعد الواو لام – من مواليد المرية، ونشأ بها، وصفه ابن الأبار بالفقه والأدب والبصر بالحديث ورجاله، توفي سنة 569 هـ من تآليفه :" مطالع الأنوار على صحاح الآثار".
انظر "وفيات الأعيان" (ج1 / ص : 62) تحقيق :إحسان عباس.
28 – انظر "فتح الباري" (ج3 /ص:93) دار إحياء التراث العربي، و"العمدة" (ج8 / ص : 30).
29 – أخرجه البخاري في "فضائل الصحابة"، باب :"مناقب عثمان بن عفان"، حديث رقم 3695.
30 – انظر "العمدة" (ج16 / ص:202).
31 – انظر الحديث بطوله في البخاري في الزكاة، باب :"ما يستخرج من البحر" حديث رقم 1798.
22 – انظر : "فتح الباري" (ج 3/ص : 283) و"العمدة" (ج2 / ص:97)
33 – الحديث أخرجه البخاري في "الجنائز"، باب: " غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر" حديث رقم 1253.
34 – انظر :"فتح الباري" (ج3/ ص:99) و"العمدة" (ج8 / ص :40).
35 – انظر الحديث بطوله في "كتاب الشروط" باب :"إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز" حديث رقم 2718.
36 – انظر شرح الكرماني للبخاري "الكواكب الدراري" (ج12 / ص:29) طبعة مصر 1356هـ، و"فتح الباري" (ج5 / ص : 245) و"العمدة" (ج3/ ص :298).
37 – أخرجه البخاري في "البيوع"، باب :"إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع، فقد وجب البيع" حديث رقم 2112.
38 – انظر "الفتح" (ج4 / ص :265).
39 – أخرجه البخاري في "الغسل"، باب :"غسل الرجل مع امرأته" حديث رقم 250.
40 – انظر :"فتح الباري" (ج1 / ص :290).
41 – انظر : "فتح الباري" (ج2 / ص :77) و"إرشاد الساري" (ج2 / ص :10).
42 – أخرجه البخاري في "الوضوء" باب :"لا تستقبل القبلة بغائط أو بول".. حديث رقم 144.
43 – انظر :"العمدة" (ج2 / ص : 277).
44 – أخرجه البخاري في الحدود" باب :"كم التعزير والأدب" حديث رقم 6848.
45 – انظر "الفتح" (ج12 ص :150)، ويطول المقام لو حكينا احتفال الداودي بالإمام مالك وأقواله، وتقرها، وحسبنا – هنا – أن نحيل القارئ على "الفتح" (ج4 / ص: 190)، و"العمدة" (ج1/ ص :124)، و"الكواكب الدراري" (ج9/ ص : 143).
46 – "مدرسة الإمام البخاري" (ج2 /ص :580).
47 – انظر :"إرشاد الساري" (ج1 / ص :42).
48- انظر :"كشف الظنون" (ج1/ ص :42).
49 – انظر :"فتح الباري" (ج10 / ص:56).
50 – الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" في "الجهاد"، باب "الخيل الثلاثة" حديث رقم 2860.
51 – انظر :"الفتح" (ج6 / ص :50)، و"العمدة" (ج14/ ص :153).
52 – انظر : "العمدة" (ج8/ص :40)، وحكى الحافظ في "الفتح" (ج3 / ص :99) بعض هذا عن الداودي من غير طريق مغلطاي.
53 – أخرجه البخاري في "الرقاق"، باب :" الصراط جسر جهنم"، حديث رقم 6573.
54 – يشير الحافظ إلى قول الخطابي : قشبه الدخان : إذا ملآ خياشيمه، وأخذ يكظمه.
انظر "الفتح" (ج11 / ص :388).
55 – انظر :"الفتح" (ج11 / ص : 388)، و"العمدة" أيضا (ج6 / ص:187).
56 – سورة الجمعة – الآية : 10.
57 – انظر : "الفتح" (ج2 / ص:342).
58 – انظر القصة بطولها في البخاري "كتاب الطلاق"، باب :" لم تحرم ما أحل الله لك" حديث رقم 5267 و5268.
59 – انظر :"الفتح" (ج2/ ص 309).
60 – أخرجه البخاري في "مناقب النصر" باب "هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة" حديث رقم 3901.
61 – انظر :"الفتح" (ج7/ ص :182)، و"العمدة" (ج17/ ص :38).
62 – أخرجه البخاري في "فضائل القرآن"، باب :"إثم من راءى بقراءة القرآن" حديث رقم 5057.
63 –انظر :"فتح الباري" (ج7/ ص :222).
64– أخرجه البخاري في "مناقب الأنصار" باب :"إسلام سلمان الفارسي" حديث رقم 3946.
65 – أنظر "فتح الباري" (ج7 / ص :222).
66 – قمت بدراسة إحصائية لمجموعة عينة من النصوص المستخرجة من شرح الكرماني وابن حجر والعيني والقسطلاني، فظهر ما يلي :
1 – تعقب الحافظ ابن حجر الداودي في إحدى وثمانين موضعا.
2 – ناقش العلامة العيني الداودي في ثلاثين موضعا.
3 – انتقد العلامة القسطلاني الداودي في ثمانية مواضع.
4 – تعقب العلامة الكرماني الداودي في موضعين.
وأحب – ههنا – أن أؤكد ما سبق تأكيده في حاشية (رقم21) من انتفاء العصمة من الخطأ في الفهم، أو الزلل في النقل، أو النسيان في جمع النصوص، أقول هذا مستدركا حتى لا يلزمني قارئ بنصوص قد تقل أو تكثر، وقف عليها صحيحة النسبة إلى الداودي ... فذلك – لعمر الله – مما زاغ عنه البصر، وقصر عنها باع، ولم تنله اليد، وفوق كل ذي علم عليم.